منقول من
مدونة حارة القّراء
هل جربت يوماً أن تمتطي ظهر غيمة؟ هل حاولت أن تترك لها العنان كي تبحر بك بعيداً إلى آفاق وعوالم جديدة ؟ هل تخيلت بأنك من الممكن أن تخترق عبرها حدود الزمان والمكان؟
هل اكتشفت يوماً لذة أن تغوص في البياض؟ أن ترى الأرض من بعيد ومن قريب في آن؟ أن تسمع صوت المياه تهوي من شلالات نياجارا؟ أن ترى الثلوج على رأس الهملايا؟ أن تشارك دافنشي رسم الجوكندا؟ أن تكتشف أسرار مثلث برمودا؟ أن تشارك أرخميدس في ….. إيجادها؟ أن تسير على سطح القمر؟ أن تسابق الأسماك في عمق البحر؟ أن تكون أحد جنود صلاح الدين؟ أن تشارك محمد عليه الصلاة والسلام نصر بدر؟
ليس ذلك ضرباً من الجنون، ولا مساً من الشياطين! أنه واقع سهل التحقيق والمعاش ..
فكل ذلك ممكن فقط في صحبة الكتاب! ..
لنتخيل لو أن الكتابة لم تخلق وأن ذلك الشيء الذي يدعى “بالكتاب” لم يرى النور إلى اليوم، لنتخيل بأننا سنتناقل كل ثقافاتنا شفهياً! لنتخيل بأن أي شيء سننساه سيندثر!
عندها كم كانت من الاكتشافات ستضيع .. وكم من مرة كان على الأجيال أن تكرر الأخطاء ذاتها فقط لأنها لم تنعم بنعمة الكتاب ؟!
بين دفتي كل كتاب نقرأه نعيش حياة كاملة، نقتبس تجارب، ونتعلم من أخطاء، .. نخالف ما كتب أحياناً، وأحياناً أخرى نوافق، لكن ذلك يبنينا من الداخل، ويشيد في طرق تفكيرنا قصوراً من الوعي..
فلماذا علينا أن نعيش حياةً واحدة فيما لو كان بإمكاننا أن نعيش الآلاف!
أحياناً أتساءل .. ترى هل تخيل الفينيقيون عندما طوروا الأبجدية الأولى قبل أكثر من 3100 عام بأن ما كانت تحفره أيديهم على الصخر سيغدو أساساً لكل حضارات الدنيا؟ ترى هل تخيلوا بأنه وبعد كل هذه السنين سيجتمع عشرات الناس أمام شاشات الكترونية وعبر خطوطٍ سلكية ولاسلكية ليقرؤوا معاً كتاباً كانوا هم من أسسوا لأبجديته؟ ترى هل تجرؤوا أن يتمادوا في أحلامهم إلى هذه الدرجة؟
لا أعتقد … فأحياناً الحقيقة تسبق الحلم .. لكن لولا الحلم لما وجدت الحقيقة ..!